رشا المقالح
لا يذكر
الحمام بين المتحدثين في العالم العربي إلا و قال المتحدث للسامع - كنوع من التأدب
- عبارات تنزيهية أو ربما اعتذاريه على غرار "أعزك الله" ، "أكرم
الله السامعين"، و غيرها، و ربما كان ذلك مفهوما فالحمام هو المكان الذي تُقضى
فيه الحاجة.. لكن ربما يفوت البعض أن
المرحاض يحافظ على حياتنا و ينقذ أرواح الكثيرين!
و لهذا أقرت الأمم المتحدة أن يكون التاسع عشر من شهر نوفمبر من كل عام يوما عالميا للتذكير بأهمية المرحاض في تصريف النفايات البشرية و التي يمكن أن تنشر أمراضا قاتلة في حالة عدم التخلص منها بالطريقة الصحيحة و كذلك للفت أنظار العالم إلى أن هناك ملايين البشر الذين لا تتوفر لديهم وسائل الصرف الصحي الآمنة و الملائمة.
و لهذا أقرت الأمم المتحدة أن يكون التاسع عشر من شهر نوفمبر من كل عام يوما عالميا للتذكير بأهمية المرحاض في تصريف النفايات البشرية و التي يمكن أن تنشر أمراضا قاتلة في حالة عدم التخلص منها بالطريقة الصحيحة و كذلك للفت أنظار العالم إلى أن هناك ملايين البشر الذين لا تتوفر لديهم وسائل الصرف الصحي الآمنة و الملائمة.
و لكنني في
تدوينتي هذه – و بمناسبة يوم المرحاض
العالمي - سأتحدث عن الاختلافات التي
لاحظتها بين الحمامات في بلادنا و بين الحمامات في البلاد الغربية، و هي اختلافات
و ان كانت تعد طريفة إلا أنها مثيرة للاهتمام، فعلى سبيل المثال كتبت قبل مدة تدوينة عن رحلتي إلى مدينة فتزلر و
التي تقع في غرب وسط ألمانيا، و كان من
ضمن مشاهداتي في تلك الرحلة وجود فتحة لتصريف المياه على أرضية الحمام الملحق بالغرفة
التي مكثت فيها خلال مدة إقامتي هناك. وقد أثار هذا الأمر انتباهي حينها لأني اعتدت على أن أرضية الحمامات في البلاد الغربية لا تحتوي على فتحات
لتصريف المياه. بعكس ما هو عليه الأمر في بلادنا اليمن و الذي تُعد فتحة تصريف
الحمام أمرا اعتياديا لا يثير انتباه أحد، و لهذا و عندما قرأت إحدى قريباتي تلك
التدوينة شدت انتباهها تلك الملحوظة التي كتبت عنها و سألتني عندئذ باستغراب : " كيف يتم تنظيف
الحمام عندكم إذن؟"
الدهشة التي أصابت قريبتي عندما عرفت أن أرضية الحمام في البلاد
الغربية لا تحتوي على فتحة لتصريف المياه هي نفس الدهشة التي أصابتني عند بداية
إقامتي في أوروبا.و قد كان هذا
موضوعا للتندر فيما بيننا ثم وعدتها أن أكتب موضوعا كاملا عن هذا الأمر فطلبت مني
ألا أستغرق وقتا طويلا لأنها كلما دخلت إلى الحمام ستشعر دائما بالحيرة و ستستغرق
في التساؤل عن الكيفية التي أقوم فيها بتنظيف الحمام. و لأنه لا يوجد أفضل من
اليوم العالمي للمرحاض للكتابة عن الحمامات، فقد قررت أن اكتب عن الحمام في يومه
العالمي!
فما هي ابرز
الفروقات بين الحمامات في اليمن و الحمامات في بلاد الغرب؟!
لا توجد فتحة تصريف!
هنا تعد أرضية
الحمام مثلها مثل أرضية أي غرفة أخرى في البيت بغض النظر عن وجود المياه فيها! حيث
يتم فرش أرضية الحمام بسجاجيد خاصة تمتص البلل و تحافظ على أرضية الحمام جافة و
نظيفة، حتى أنك لا تحتاج هنا إلى لبس شبشب خاص بالحمام! و في محلات الأثاث و الديكورات ستجد قسما كاملا
خاصا بالحمامات تباع فيه تلك السجاجيد و بقية ملحقات الحمام. و لكن السؤال الذي ربما سيتبادر
إلى ذهن أي شخص قادم من اليمن و خاصة النساء ." و لكن كيف يتم تنظيف الحمام
دون وجود فتحة تصريف؟؟!!"
فنحن في اليمن
نقوم بتنظيف أرضية الحمام بصب الماء عليها صبا ثم نستخدم قشاطة الماء و هي
أداة تتكون من عصا طويلة يوجد في نهايتها قطعة
أفقية مصنوعة من المطاط ، نستخدمها لتجميع الماء ليصب في فتحة التصريف الموجودة
على أرضية الحمام.
و الحق يقال أنني كنت أعتقد في السابق أن هذه هي الطريقة
الوحيدة لتنظيف أي حمام في العالم و لكني هنا تعرفت على طريقة أخرى، يبذل فيها
مجهود أقل و لكنها فعالة أكثر كما أنها أكثر توفيرا للمياه و محافظة على أرضية
الحمام في نفس الوقت . فالادوات المستخدمة في تنظيف أرضية الحمام هنا هي
عبارة ممسحة و دلو يحتوي على فتحة لعصر الممسحة. و يتم ملء
الدلو بالماء الدافيء و وضع الكمية المناسبة من منظف خاص بالأرضيات، ثم توضع الممسحة
بداخل الدلو و تغمر تماما بالماءو يتم تحريكها عدة مرات، ثم يتم وضعها على فتحة
العصر و عصرها جيدا حتى تخرج كميات الماء الزائدة منها. ثم يتم بعدها مسح الأرضية
و يعاد تكرار العملية عدة مرات حسب الحاجة. بعدها تترك الأرضية حتى تجف أو يتم
تجفيفها بممسحة أخرى للتجفيف و من ثم يعاد فرش السجاجيد الخاصة بأرضية الحمام.
كابينة الاستحمام
لا توجد شطافات
شطافة التواليت |
ورق التواليت |
لا يوجد مرحاض "عربي"
من الشائع لدينا جدا في اليمن و
خاصة في العمارات السكنية الحديثة وجود نوعين مختلفين من المراحيض في الحمام
الواحد: المرحاض العربي و المرحاض الافرنجي. لكن هنا في البلاد الغربية لا توجد في
الحمامات سوى المراحيض الافرنجية، و يعد ذلك أمرا صادما لكثير من العرب الذين لم
يعتادوا على المرحاض الإفرنجي بل إنه يسبب لبعضهم معاناة بالغة و صعوبة في التأقلم
و قد سمعت قصصا طريفة للغاية عن هذا الأمر.
و مع ذلك فقد صادفت خلال مدة اقامتي
في أوروبا مراحيض عربية مرتين فقط إحداها في مدينة كارل سروه الألمانية و التي تقع
جنوب غرب المانيا، و كان ذلك في
الحمام التابع لدائرة الهجرة هناك و الأخرى في
إحدى دورات المياه التابعة لمحطة القطار الرئيسية في مدينة تقع أقصى شمال إيطاليا
على الحدود السويسرية!
الطريف في الأمر ان المرحاض العربي يسمى في
ايطاليا "توركا" أي تركي، و هنا طرأ في ذهني سؤال: هل ما نسميه بالمرحاض
"العربي" هو تركي الأصل؟ عندما بحثت
عن الأمر وجدت أن ما نسميه بالمرحاض العربي لا يعد حكرا على العرب فقط و إنما
منتشر في بلدان أخرى مثل اليابان و الصين و شرق آسيا....
مرحاض "عربي" في المانيا |
مرحاض "عربي" في إيطاليا |
وبغض النظر عن مسألة أي نوع من المراحيض هو الأفضل صحيا و ما يرافق ذلك من جدل دائر حتى في الأوساط الغربية و انقسام الناس بين فريقين: فريق يرى أن قضاء الحاجة على الطريقة الغربية غير صحي مقارنة بالطريقة "العربية" او ما تسمى بطريقة "القرفصاء"، وفريق آخر يصر على العكس، حتى تحول الأمر أحيانا إلى معارك اعلامية واجتماعية ساخنة كما حصل هنا في ألمانيا قبل حوالي شهرين حين تحولت مسألة بناء مرحاض "عربي" وصف بالإسلامي في أحد المراكز الثقافية إلى قضية رأي عام شغلت الناس!
و في كل الأحوال فإن التنقل بين البلدان المختلفة يجعلك في مواجهة دائمة للاختلافات
الثقافية و المعيشية، و ستجد أن أبسط التفاصيل التي كنت معتادا عليها و التي لا
يمكنك أن تتخيل حياتك بدونها ستجد أنها في بلد آخر تعد أمورا غريبة لا وجود لها في
حياة الناس بل أنهم لا يتصورون وجودها أصلا.....و من بينها فتحة تصريف الماء على
أرضية الحمام!
No comments:
Post a Comment