Pages

January 15, 2016

ذكروني من تكونوا

رشـا المقالح




ذكروني من تكونوا
ذكروني أين أنتم؟؟!!

لا تلوموا إن نسيتُ

من تكونوا

و قد نسيتم!!

ذكروني ما فعلتم

حين سرقوا "النورَ" منكم؟!

حين منعوا الماء عنكم....

هل عطشتم؟؟!!

في "طوابير الغاز"

وقفتم....!

حين رفعوا السعرَ

بعتم واشتريتم !

قلتم لن نخافَ

ثم خفتم.....!

لن نجوعَ

ثم جعتم.....!

سوف نعلو

و انخفضتم.....!

ذكروني

كيف ثرتم؟!

ضد ظلم قد تبلدْ

و ظلام فيه عشتم؟!

ضد جهل قد تمددْ

و فساد به ضقتم؟!

في الخيامِ؟؟؟!!!

كم جلستم....!

كم سهرتم....!

كم لعبتم....!

حين أفقتم

وَ تلفتم يمينا

 و يسارا

ماذا وجدتم؟؟!!

قلتم الثورة ستبقى

و انطفأتم.....!

لن نعود إلى الوراء

ثم عدتم......!

لن نعيش في الجحيم

فاحترقتم.........!

أين أنتم؟؟!!!

من تكونوا؟!

 ذكروني

إن ذكرتم


January 14, 2016

أهالي عدن الكرام

رشـا المقالح


أنت "الشمالي الدحباشي"... المواطن المسكين المطحون....لمجرد أن سيارتك تحمل الرقم واحد، أو لمجرد أنك ترتدي "زنة" أو "جمبية" أو لمجرد أنك تضيف حرف الشين لكلماتك بدلا من حرف الكاف، و أنك  تنطق الجيم الثقيلة و لا تقلقل القاف مثلا....فإنك تصبح رمزا من رموز الفساد بالنسبة لأهالي عدن الكرام. هكذا ببساطة! و الدليل "قالوله" كما يقول الزعيم – عادل إمام و ليس عفاش حتى لا نتهم "بالتعفيش" – في مسرحيته الخالدة "شاهد ما شافش حاجة"!

في السابق و قبل أن تدمر هذه الحرب اللعينة ما تبقى من التناغم الاجتماعي المهتريء أصلا، فإنك إذا زرت عدن بسيارة تحمل الرقم واحد تستطيع بسهولة أن تستشعر العداء و التوتر في نظرات الأهالي المتحفزة، و ترى بوضوح أنهم قد نصبوا لك على الفور محاكمة وهمية في رؤسهم!  و دون منحك أي فرصة للدفاع عن نفسك تجدهم قد اصدروا حكما عليك..."مذنب...مذنب...مذنب"!

فنحن بالنسبة لهم مجرد "شماليين دحباشيين" مسئولين عن كل الإحباط و التدهور الذي يعانون منه. اذا كنت جنوبيا فربما ستقول لي : "نعم هذا صحيح أنتم دحابشة و انتم المسئولين عن كل مشاكلنا" ! أما لو كنت شماليا فربما تتساءل : "و لكن عدن ليست وحدها المدينة اليمنية التي تعاني من الإحباط و التدهور؟! اليمن بأكملها تعاني من الإحباط و التدهور"! سأقول لك أن ذلك لا يهم! لأن أهالي عدن الكرام لا يرون سوى أنفسهم و مشاكلهم و احباطاتهم...و هناك شعور قوي "بالانفصال" في داخلهم...و لا أقصد هنا الانفصال عن "الوحدة اليمنية" التي لم تعد أكبر همومنا في الوقت الحاضر، و إنما أقصد انفصالهم عن محيطهم الطبيعي ، و عن إجادتهم المدهشة للعب دور الضحية بمهارة و اقتدار يحسدون عليهما.

هكذا كانت النغمة السابقة المفضلة لدى أهالي عدن الكرام...نغمة "الدحابشة"...و الآن صارت لديهم نغمة أخرى جديدة.."الحوافيش و العفافيش"! هم هكذا "أصحاب عدن"...مولعون بالنغمات و الإسطوانات المشروخة للإسف.
أتذكر في إحدى المرات قبل عدة سنوات عندما تمكنا و بعد الكثير من التخطيط و التوفير و التفكير و التدبير و تقليص بعض النفقات و الاستغناء عن بعض الاحتياجات ، تمكنا من توفير مبلغ من المال يمكننا من قضاء إجازة متواضعة في مدينة عدن. انطلقنا و الحماس يملؤنا، فهاقد حانت لحظة قطف الثمرة التي سعينا جاهدين للوصول إليها. و ما إن وصلنا إلى مدينة عدن حتى تنفسنا الصعداء و شعرنا أن الحلم أصبح حقيقة و هانحن الآن نستنشق هواءها الساحر.

و لما كان الوقود في خزان سيارتنا مشارفا على النفاد اضطررنا للوقوف في إحدى المحطات للتزود به. قام عامل المحطة بملأ الخزان، و عندما فرغ من عمله لاحظنا أن المؤشر لم يتحرك. فسألناه بكل أدب أن المؤشر لم يتحرك فهل هذا طبيعي؟ فوجئنا به يرسم "تكشيرة" مرعبة على وجهه و يقول:" انتم أصحاب صنعاء تحبوا المشاكل!"

تلفتنا حولنا لنتأكد من أنه يتحدث إلينا نحن و ليس لغيرنا، فلم نجد أحدا سوانا! فنحن أولا لسنا "أصحاب صنعاء" لأننا أصلا من محافظة إب، ثانيا: لم نقل شيئا يستدعي ردة الفعل تلك و لم نفهم لماذا اتخذ عامل المحطة ذلك الموقف الهجومي أمام تساؤلنا المؤدب و العابر!

ثم تذكرنا أن لوحة سيارتنا تحمل الرقم واحد و هذا يجعلنا بالنسبة لعامل المحطة ذاك و ربما لقطاع كبير من أهالي عدن الكرام من "أصحاب صنعاء"...أي أننا - على ما يبدو-  ننتمي إلى "شلة الفاسدين"، و أننا السبب في خراب البلاد، و أننا المسئولين بشكل أو بآخر عن الوحدة و نتائجها و أن كل مشاكل عدن هي من "تحت راسنا" نحن....!

ليس مهما بالنسبة لصديقنا العدني عامل المحطة أننا لسنا من صنعاء (و كأن الانتماء لصنعاء جريمة!) و أن مسقط رأسنا ليس صنعاء و أننا لم نكبر و لم نترعرع في صنعاء، و ليس مهما بالنسبة له أننا "شاقيين نطلب الله" في صنعاء و أننا نعاني في صنعاء من شلة الفساد التي يعاني منها هو في عدن و أن حياتنا صعبة بما فيه الكفاية، كل ذلك ليس مهمابالنسبة إليه... يكفيه أن سيارتنا تحمل الرقم واحد و هذا يجعله يصدر حكمه علينا و هو مستريح الضمير هانيء البال! سطحية في التفكير و الحكم على الآخرين كنت أتمنى لو كانت خاصة بذلك العامل و لكن الأحداث أثبتت انها تشمل شريحة واسعة من أهالي عدن الكرام.

و إلى جانب ولع أهالي عدن الكرام بتمثيل دور الضحية طوال الوقت و إلى جانب ولعهم بالتعابير المناطقية و بالمحاكمات الوهمية السطحية، فهم أيضا مولعون بالاحتلال الأجنبي...! إنه هوية و هواية بالنسبة إليهم...يحبون الاحتلال البريطاني و يتحسرون عليه...يطردون "الاحتلال الحوثي العفاشي " ليستبدلوه بالاحتلال الإماراتي السعودي...! و يشعرون بعدها بالرضا عن النفس بل إني سمعت بعضهم يدعوا للإمارات بالخير و التقدم و الإزدهار!

طبعا ليس بوسعنا تعميم كل ما سبق على جميع أهالي عدن الكرام فهناك استثناءات بالتأكيد... هناك أصوات عاقلة خالية من المناطقية و تسطيح الأمور و لكنها غير مؤثرة و قليلة للأسف...على غرار ((إلا ما رحم ربي و قليل ما هم)) ....!

فعلى سبيل المثال لدي صديقة عدنية تعيش في صنعاء، قالت لي :" هناك خصلة لا أحبها في أهالي عدن فكل ما حصل شيء طالبوا بإخراج الدحابشة من عدن و هذا عيب كبير!  نحن نعيش في صنعاء و لم نسمع أحد يطالب بإخراجنا منها و إعادتنا إلى عدن"...!

كما ان هناك بالتأكيد جهات سياسية قذرة تصب الزيت على النار، و تحاول دائما الصيد في الماء العكر بين أبناء البلد الواحد ...عفوا...أقصد بين أبناء الشمال و الجنوب حتى لا "يزعل" احد و يعتقد أننا وحدويون لا سمح الله و العياذ بالله.


و في الأخير و مهما كنا في نظر أهالي عدن الكرام "دحابشة"... أو "حوافيش"... أو  "عفافيش" ...ستظل التسمية الوحيدة التي سنسميهم بها هي "أهالي عدن الكرام"...و السلام ختام

January 13, 2016

قرية اليهود


أنيس الباشا



كنا في طريقنا إلى "قرية اليهود "أو قرية "بيت بوس" و التي تقع في إحدى ضواحي العاصمة صنعاء في منطقة تدعى بيت بوس، و عندما وصلنا إلى الضاحية التي تقع فيها القرية، لم نعرف بالضبط أين الاتجاه الصحيح فاضطررنا لسؤال أحد سائقي سيارات الأجرة التي مرت بالقرب منا، كان رجلا في العقد الثالث تقريبا من العمر،  سألناه بطريقة عفوية :" فين الطريق لقرية اليهود؟"...لم نتوقع ردة فعله؟!

ثارت ثائرته و رد بغضب قائلا:" ما اسمهاش قرية اليهود...اسمها بيت بوس! ما بش عندنا يهود!"

لم نتوقع أن  يشعر أحد من سكان المنطقة بالرفض لتلك التسمية أو بالخجل منها... فاليهود هم جزء من تاريخ اليمن. و وجود مثل تلك القرية و بتلك التسمية هو شكل من أشكال السرد التاريخي لحضارة البلد. الطريف أن هناك روايات تقول بأن بوس هو اسم لشخص يهودي، و بالتالي فإن تسمية "بيت بوس" لها علاقة بتاريخ اليهود في المنطقة بشكل أو بآخر!

المهم أننا وصلنا إلى القرية، و تجولنا فيها. و التقطنا العديد من الصور التذكارية.و رغم أن القرية لا يزورها الكثيرون و لا تحظى باهتمام حقيقي من قبل اليمنيين، إلا أننا لاحظنا وجود بعض الزوار المحليين مع أطفالهم.

عند دخولنا إلى القرية لأول مرة شعرنا و كأننا دخلنا إحدى بوابات الماضي السحيق. فالمكان قديم جدا، يعبق برائحة التاريخ، و رائحة الإهمال أيضا..ككل شيء جميل في بلادنا يتعرض دائما للتجاهل و اللامبالاة سواء على المستوى الحكومي أو الشعبيالقرية يسكنها بعض الفقراء، رغم أن البيوت متهالكة و معرضة للانهيار في أي لحظة للأسف الشديد.




و مهما حاول البعض تبني عقلية الرفض لمجرد الإختلاف في العقيدة والدين وحاول أن يمحو وجود من يراهم مختلفين عنه، تظل الآثار الصماء باقية وشاهدة على وجود من بنوها في حقبة ما قبل حتى أن يولد صاحب هذا الفكر المنغلق..!






ومن بين تلك الأماكن هذه القرية التي مهما اختلفنا على تسميتها و مهما كان سبب الاختلاف، فستظل تلك البيوت العتيقة المهجورة المطلة على صنعاء شاهدة على وجود من شيدوها و على تعايش الناس رغم اختلافاتهم.



January 11, 2016

القبلات في المجتمع الغربي....و ردة فعل المسلمين


أنيس الباشا

كنت في السابق أعتقد أن تبادل الغربيين للقبلات في الأماكن العامة مرده فقط إلى طبيعة المجتمع المتحرر، و أنهم يمارسون تلك الظاهرة كتعبير عفوي عن حالة الحب التي يمرون بها، لكني اكتشفت أن هذا ليس السبب الوحيد! فقد لاحظت أن البعض منهم و تحديدا في ايطاليا - أثناء تبادلهم للقبل يختلسون النظر إلى المحيطين بهم لمعرفة ما إذا كان هناك من ينظر إليهم! و عندما يجدون أن هناك فعلا من يراقبهم  تنتابهم الحماسة ويتمادون أكثر فيما يفعلون! عندما سألت أصدقائي الإيطاليين عن هذا الأمر، أخبروني أن كثيرا من أولئك المتحابين يعبرون عن مشاعرهم بتلك الطريقة كنوع من "التباهي" أمام الآخرين ، و الرسالة التي يريد الواحد منهم إيصالها إلى من حوله هي :"أنا أعيش حالة حب، و لست وحيدا و أنا شخص مرغوب في"! و هم بذلك يرغبون في إثارة غيرة و حسد و حسرة الآخرين!

وبالطبع فهم يعرفون أن المسلمين متحفظين يميلون للإحتشام و لا يحبون إظهار عواطفهم في الأماكن العامة ، لذلك يبالغ البعض منهم في إظهار تحررهم الجنسي أمام المسلمين في محاولة طفولية للإستفزاز أو ربما كرغبة داخلية لا شعورية في تأكيد أنهم يقفون على أرضهم هم وأن من حقهم فعل أي شيء أمام الأجانب القادمين من دول العالم الثالث والذين يأتون من خارج حدودهم محملين – حسب تصورهم – بالعادات والسلوكيات المتحفظة والمتخلفة من وجهة نظرهم! و ربما عذرناهم في ذلك لأن جزء من ذلك التصور صحيح للأسف ليس طبعا فيما يخص إظهار المشاعر بتلك الطريقة المبتذلة لكن في أمور أخرى كثيرة ليس هنا مجال شرحها ،إضافة إلى أن الإعلام والأدب الغربي يصور المرأة المسلمة دائما على أنها مضطهدة مقهورة مهزوزة لا رأي لها ولا قيمة ولا وزن وكل مهمتها في الحياة هي أن تتزوج رجلا  ما لتخدمه وتعبده وتنجب له الأطفال. عندما ندرك هذه الحقيقة نفهم فورا لماذا يستفز بعضهم مثلا عند رؤية الحجاب. فرؤيته تجلب لهم  بشكل تلقائي ولا شعوري كل تلك التصورات الصحيحة و الخاطئة التي تغذيهم بها يوميا وسائل إعلامهم.. لذا تجد في بعض الأحيان أنه ما إن يلاحظ بعض متبادلو القبل أن هناك إمرأة محجبة أو أسرة مسلمة و لديها أطفال بالقرب منهم حتى يصبح الأمر مضحكا بالفعل حيث يتمادون في التقبيل والمداعبات وبطريقة واضحة ومكشوفة! وقد وصفت الأمر بالمضحك لأنهم لا يكفون عن اختلاس النظر إلى وجوه من حولهم ليتأكدوا ربما أن رسالتهم التي يظنونها استفزازية قد وصلت!

 وبلغ الأمر من الطرافة أنه في مرة من المرات كنت في إحدى الحدائق العامة وكان جواري فتى وفتاة جالسان بهدوء وكلا منهما منشغل بالعبث في هاتفه النقال، وحين دخلت إلى المكان سيدة محجبة برفقة زوجها و طفليها فوجئت بالشاب ينقض على الفتاة محاولا تقبيلها وهو يختلس النظر إلى الأسرة التي وصلت للتو! والمضحك في الموضوع أن الفتاة كانت تدفعه بعيدا وتردد بضيق أنها متعبة ولا ترغب في تبادل القبلات لكن الفتى كان مصرا!

ما هي ردة فعل المسلمين إزاء هذا الأمر؟ و كيف يتعاملون مع هذه الظاهرة؟ تختلف ردرود الفعل من شخص لآخر وإن كان الأغلبية بالطبع يميلون لتجاهل الأمر وربما محاولة مغادرة المكان بسرعة و البعض يسارع بمحاولة لفت انتباه أطفاله عما يحدث بطريقة تزيد الطين بلة!..بينما يتخذ البعض ردود فعل غريبة..في إحدى المرات كنت على متن القطار في كوبنهاجن حين بدأ شاب وشابة في تقبيل بعضهما البعض في الممر أمام إحدى المقصورات، وإذا بصوت لأحد الركاب يرتفع من داخل المقصورة صائحا ومرددا بالعربية "لا حول ولا قوة إلا بالله" وكلما رددها صاحبنا ازداد الشابان في التقبيل والعناق!

من يضطر للعيش في بلاد الغرب يعرف هذه الحقيقة جيدا ويدرك منذ اللحظة الأولى أن هناك فروقا هائلة بين الثقافتين الشرقية و الغربية ، و هذه الفروق تسبب ما يعرف بالصدمة الثقافية لكل من يأتي من دول شرقية مسلمة و محافظة ليعيش في إحدى دول الغرب المتحررة التي تنظر للجنس نفس نظرتها للطعام والشراب. والمنطق يقول أنه لا أحد يمكنه تغيير ثقافة المجتمع الذي يفد إليه و لا أن يتحكم في سلوكيات الناس هناك..إنما يستطيع المرء أن يتحكم في الطريقة التي يتعامل و يتعاطى بها مع تلك الاختلافات، وعلى أساسها تتحدد مسألة الاندماج والتعايش في ذلك المجتمع الجديد والمختلف. وهذا الأمر لا يعني أبدا التماهي مع الآخرين أو التخلي عن المفاهيم والعادات و ممارسة نفس السلوكيات التي يمارسها الغربيون، إنما يعني "التقبل" أولا ومن ثم "التجاهل" عملا بالمبدأ القرآني العظيم "لكم دينكم ولي دين". فالمرء ليس مضطرا أبدا لأن يمارس عادات وسلوكيات مختلفة عن سلوكياته ومبادئه وفي نفس الوقت ليس عليه أن يغير ما يراه امامه وليس له الحق حتى في أن يستنكره لأن لكل مجتمع طبائعه وموروثاته التي تطورت عبر مئات السنين، و لكل مجتمع الحق في ممارسة عاداته وتقاليده على أرضه سواء اتفقنا معها أم اختلفنا ، ومن المضحك أن يحاول فرد أو مجموعة قادمة من خارج مجتمع ما فرض نمط تفكيرها وثقافتها على ذلك المجتمع! لذا فإن الاستنكار العلني لسلوكياتهم التي يمارسونها في مجتمعاتهم و محاولة تغييرها هو أمر ليس فقط غير منطقي بل ومثير للسخرية!

على الوافد الجديد أن لا يشعر بالاستفزاز و أن لا يتجه إلى التصادم، بل إلى التقبل الذي لا يعني بالضرورة الإعجاب أو التقليد. والأهم من هذا كله هو محاولة تقديم النموذج الصحيح الذي ينسف الصورة التقليدية التي تروجها وسائل إعلامهم عن المرأة العربية و المرأة المسلمة بشكل خاص وعن المجتمع المسلم بشكل عام وذلك عبر فهم وتطبيق الإسلام بشكل صحيح ومنفتح بعيدا عن الإنغلاق والفهم الخاطىء الذي قد يقود في نهاية المطاف للتعصب والتطرف و التصادم.

January 4, 2016

المؤشر العربي للرفاهية

 رشا المقالح

فيلا...سيارة آخر موديل...أرصدة في البنوك...خدم و حشم..و ملابس على الموضة...أثاث فاخر يتم تغييره سنويا...سياحة خمسة نجوم كل سنة...

ربما كانت هذه الأشياء هي التي تخطر على بال المواطن العربي عند سماعه لكلمة "رفاهية" !
شيء مشابه ربما  لما نراه و نسمع عنه في دول الخليج من مظاهر التفاخر و البذخ و التي تعطينا فكرة واضحة عن التصور السائد في المنطقة العربية عن "الرفاهية"!

لكن بالمقابل ما هو مفهوم المواطن الغربي عن الرفاهية؟ و هل الشعوب الغربية شعوب "مرفهة" فعلا؟!
باستخدام "المؤشر العربي للرفاهية" فإن الشعوب الغربية تعتبر شعوب "كحيتي" و "آخر بهدلة"!

 فمثلا كنت أسمع دائما أن الشعوب الاسكندنافية هي أكثر شعوب الأرض سعادة و رفاهية، و لأنني قادمة من خلفية عربية توقعت أن أرى شعوبا "مرفهة" على الطريقة الخليجية مثلا، و أن أشاهد مظاهر العز و "الفشخرة" و "المنظرة"، لكنني صدمت بواقع الحال!

بيوتهم عادية، يستخدمون الدراجات الهوائية في تنقلاتهم، سياراتهم عملية و قوية و لا يقومون بتغييرها كل عام لأنهم يستخدمونها من أجل الغرض الحقيقي الذي صنعت لأجله و هو "وسيلة مواصلات" و ليست وسيلة "فشخرة"!

يبحثون عن أرخص العروض السياحية، و لديهم ثقافة بيع و شراء الأشياء المستخدمة من ملابس و أحذية و قطع أثاث و ألعاب و كتب وغيرها! هل يمكن للمواطن الخليجي "المرفه" أن يبيع حذائه مثلا أو أن يشتري لطفله لعبة من محل الأدوات المستعملة؟!

هل نتخيل مثلا أن المواطن الخليجي "المرفه" حسب المقاييس العربية، يمكن أن يحتفظ بعلبة الكوكاكولا الفارغة، لكي يذهب بها إلى السوبرماركت و يضعها في جهاز إعادة التدوير ليحصل بدلا عنها على قسيمة بنصف دولار يستطيع استخدامها في السوبرماركت؟! هل من الممكن أن يقبل ذلك أم سيعتبر الموضوع "شغل شحاتة"؟؟!!


يأخذ المواطن الخليجي "المرفه" القسط تلو الآخر من البنك ليصرفه على الفشخرة الكذابة و لكي يشتري سيارة أحدث موديل و أثاث جديد في نهاية العام، و لكي يقضي إجازته في فنادق باريس و روما و لندن حتى لا يشعر بأن جاره أو زميله في العمل أو ابن عمه أفضل منه...و بعد أن ينتهي من المنظرة الفارغة يجد نفسه بلا نظام صحي ولا نظام تعليمي و بلا انتاج و لا قاعدة علمية و لا ضمان اجتماعي حقيقي و لا أي خطط من أجل المستقبل.
آلة تدوير العلب الفارغة في السوبرماركت


أما  المواطن الغربي الذي يعيش حياة ذات نمط توفيري و لا يوجد في قاموسه كلمة "تبذير" ،و الذي يبيع معطفه أو حذائه، و يتسوق في محل الأدوات المستعملة، و يأخذ علبة الكولا الفارغة ليضعها في جهاز التدويرليحصل على قسيمة بأربعين سنت، فإنه يجد نفسه محاطا بأفضل رعاية صحية و اجتماعية، و ينتظره التعليم المناسب، و يجد فرص عمل حقيقية بانتظاره، و هناك خبراء و مسئولين في بلاده قد وضعوا خططا و دراسات تشمل المائة عام المقبلة و ربما أكثر!