Pages

January 4, 2016

المؤشر العربي للرفاهية

 رشا المقالح

فيلا...سيارة آخر موديل...أرصدة في البنوك...خدم و حشم..و ملابس على الموضة...أثاث فاخر يتم تغييره سنويا...سياحة خمسة نجوم كل سنة...

ربما كانت هذه الأشياء هي التي تخطر على بال المواطن العربي عند سماعه لكلمة "رفاهية" !
شيء مشابه ربما  لما نراه و نسمع عنه في دول الخليج من مظاهر التفاخر و البذخ و التي تعطينا فكرة واضحة عن التصور السائد في المنطقة العربية عن "الرفاهية"!

لكن بالمقابل ما هو مفهوم المواطن الغربي عن الرفاهية؟ و هل الشعوب الغربية شعوب "مرفهة" فعلا؟!
باستخدام "المؤشر العربي للرفاهية" فإن الشعوب الغربية تعتبر شعوب "كحيتي" و "آخر بهدلة"!

 فمثلا كنت أسمع دائما أن الشعوب الاسكندنافية هي أكثر شعوب الأرض سعادة و رفاهية، و لأنني قادمة من خلفية عربية توقعت أن أرى شعوبا "مرفهة" على الطريقة الخليجية مثلا، و أن أشاهد مظاهر العز و "الفشخرة" و "المنظرة"، لكنني صدمت بواقع الحال!

بيوتهم عادية، يستخدمون الدراجات الهوائية في تنقلاتهم، سياراتهم عملية و قوية و لا يقومون بتغييرها كل عام لأنهم يستخدمونها من أجل الغرض الحقيقي الذي صنعت لأجله و هو "وسيلة مواصلات" و ليست وسيلة "فشخرة"!

يبحثون عن أرخص العروض السياحية، و لديهم ثقافة بيع و شراء الأشياء المستخدمة من ملابس و أحذية و قطع أثاث و ألعاب و كتب وغيرها! هل يمكن للمواطن الخليجي "المرفه" أن يبيع حذائه مثلا أو أن يشتري لطفله لعبة من محل الأدوات المستعملة؟!

هل نتخيل مثلا أن المواطن الخليجي "المرفه" حسب المقاييس العربية، يمكن أن يحتفظ بعلبة الكوكاكولا الفارغة، لكي يذهب بها إلى السوبرماركت و يضعها في جهاز إعادة التدوير ليحصل بدلا عنها على قسيمة بنصف دولار يستطيع استخدامها في السوبرماركت؟! هل من الممكن أن يقبل ذلك أم سيعتبر الموضوع "شغل شحاتة"؟؟!!


يأخذ المواطن الخليجي "المرفه" القسط تلو الآخر من البنك ليصرفه على الفشخرة الكذابة و لكي يشتري سيارة أحدث موديل و أثاث جديد في نهاية العام، و لكي يقضي إجازته في فنادق باريس و روما و لندن حتى لا يشعر بأن جاره أو زميله في العمل أو ابن عمه أفضل منه...و بعد أن ينتهي من المنظرة الفارغة يجد نفسه بلا نظام صحي ولا نظام تعليمي و بلا انتاج و لا قاعدة علمية و لا ضمان اجتماعي حقيقي و لا أي خطط من أجل المستقبل.
آلة تدوير العلب الفارغة في السوبرماركت


أما  المواطن الغربي الذي يعيش حياة ذات نمط توفيري و لا يوجد في قاموسه كلمة "تبذير" ،و الذي يبيع معطفه أو حذائه، و يتسوق في محل الأدوات المستعملة، و يأخذ علبة الكولا الفارغة ليضعها في جهاز التدويرليحصل على قسيمة بأربعين سنت، فإنه يجد نفسه محاطا بأفضل رعاية صحية و اجتماعية، و ينتظره التعليم المناسب، و يجد فرص عمل حقيقية بانتظاره، و هناك خبراء و مسئولين في بلاده قد وضعوا خططا و دراسات تشمل المائة عام المقبلة و ربما أكثر! 

No comments:

Post a Comment