رشــا المقــالح
من العبارات الشائعة التي يرددها المسلمون عندما يرتكب أحدهم فعلا مشينا عبارة "هذا لا يمثل الإسلام"، و بالمقابل عندما يحتفي الإعلام - خاصة الإعلام الغربي و العالمي - بفعل إيجابي صدر عن أحد المسلمين نسمع عندها عبارة "هذا يمثل الإسلام". و لكننا في الغالب نردد هذه العبارات دون تدقيق في معناها...فما الذي يعنيه أن يكون هناك "تمثيل" للإسلام؟
أرى أن من أكثر المفاهيم اختلاطا في العقلية العربية هو مفهوم 'الهوية'...و لذلك عندما يهاجر العربي ينتقل معه هذا المفهوم المختلط لهويته الى المجتمع الجديد...يصر العربي في المهجر على "هويته" العربية و الدينية، و يريد من المجتمع الجديد أن يعامله على أساس هذه الهوية "الجماعية". بمعنى انه ينتمي لمجموعة معينة و هذه المجموعة لها خصوصيتها من ناحية الأفكار و المعتقدات و طريقة الحياة و غيرها، أي أنه يحمل بداخله شعورا عاليا "بالتصنيف" مابين "نحن" و "هم"...
و بالفعل يستجيب المجتمع الجديد لهذه الرغبة و يتعامل مع المسلمين "كجماعة". و يترتب على ذلك اعتبار التصرفات السلبية الصادرة من بعض المسلمين على أنها تصرفات نابعة من هذه الجماعة التي لها خصوصيتها و عاداتها و تقاليدها و مفاهيمها عن الحياة و العالم من حولها ، لكننا نفاجأ هنا بغضب العرب من هذه "القولبة" و من هذا "التصنيف"...!
و ربما كانت هذه هي اللحظة الوحيدة التي نسمعهم فيها يتحدثون عن "الفردية" و كيف أن التصرفات السيئة أمر فردي لا يمسهم كجماعة. بينما التصرفات الإيجابية يروجون لها على أساس أن مصدرها هو الجماعة و كونهم مسلمون و أن هذه هي "أخلاق الإسلام" أي أن هذا "يمثل الإسلام".
لنأخذ العنف المنزلي كمثال: إذا قام مهاجر من أصول عربية إسلامية بتعنيف زوجته، نجد أن المجتمع الجديد يميل إلى تفسير هذا التصرف على أنه نابع من عادات و تقاليد العرب و مفاهيمهم الدينية و التي تسمح للرجل بضرب زوجته و التحكم بها و فرض شروطه عليها، أي أن العنف المنزلي في هذه الحالة سببه الخلفية الثقافية للأسرة أو ربما أحد أهم الأسباب.
لنأخذ العنف المنزلي كمثال: إذا قام مهاجر من أصول عربية إسلامية بتعنيف زوجته، نجد أن المجتمع الجديد يميل إلى تفسير هذا التصرف على أنه نابع من عادات و تقاليد العرب و مفاهيمهم الدينية و التي تسمح للرجل بضرب زوجته و التحكم بها و فرض شروطه عليها، أي أن العنف المنزلي في هذه الحالة سببه الخلفية الثقافية للأسرة أو ربما أحد أهم الأسباب.
أما إذا أعتدى رجل غربي على زوجته بالضرب ينظر المجتمع في هذه الحالة إلى ذلك الرجل كفرد "يمثل نفسه" و ذلك لأن المجتمعات الغربية لا تربي في أفرادها النزعة الجماعية و إنما على العكس من ذلك تعتمد تنشئة الفرد في هذه المجتمعات على الفردية العالية بحيث أن كل شخص مسؤول مسؤولية كاملة عن أفكاره و تصرفاته. لهذا نجد غالبا في مثل هذه الحالات أن سبب عنف الرجل خاضع لظروفه الشخصية مثل الحالة النفسية و ضغوطات العمل أو الضغوطات الإقتصادية...و يتم البحث في هذه الأسباب لمعرفة دوافع العنف...و بالتأكيد يعاقب القانون في كل الأحوال على الإعتداء و لا يتسامح معه...لكن الشاهد هنا أن الرجل الغربي لا ينتمي إلى جماعة معينة...هو ينتمي لنفسه فقط و لهذا ينظر لتصرفه على أنه تصرف فردي ليس نابعا من عادات و تقاليد المجتمع.
لكننا نجد المسلمون يفسرون ذلك على أنه "إزدواجية في المعايير"، مع أن الإزدواجية التي يشتكون منها هم من بدأ بممارستها بل و طالب منذ البداية - بدون وعي حقيقي - أن يعامل على أساسها.
لكننا نجد المسلمون يفسرون ذلك على أنه "إزدواجية في المعايير"، مع أن الإزدواجية التي يشتكون منها هم من بدأ بممارستها بل و طالب منذ البداية - بدون وعي حقيقي - أن يعامل على أساسها.
و عندما يختار الفرد تمثيل جماعته الدينية عليه أن يقبل النتائج المترتبة على ذلك، و ألا يمارس الازدواجية في المعايير التي يشتكي منها. فكما أنه يقبل التصرفات الإيجابية لأفراد جماعته و يروج لها و يصفها بأنها "أخلاق الإسلام" أو أنها "تمثل الإسلام" فعليه أيضا ألا يتهرب من السلوك السيء و الأفعال المشينة التي يرتكبها أفراد جماعته خاصة عندما يكون لها أساس ديني مثل تعنيف النساء مثلا حيث توجد نصوص مقدسة عند المسلمين بهذا الخصوص و معاملتهن بدونية كمخلوق قاصر لا يتمتع بالمزايا التي يحصل عليها الذكور في المجتمعات الإسلامية.
أيهما أكثر منطقية و أكثر عدلا: أن يمثل الفرد نفسه، أو أن يمثل جماعته؟ علينا أن نفهم أننا عندما نصر على وضع أنفسنا في قالب ما فإننا بذلك نعزز من الصورة النمطية و نسهل على الآخر الحكم علينا.
نحن مجتمعات لا تعزز الفردية، بل تفتخر بإنتماءاتها لا سيما الدينية و هذا بالتأكيد ينعكس على تصرفات الأفراد سلبا و ايجابا.... شكلا و مضمونا. لذا نحن بحاجة ماسة لتعزيزالهوية بمعناها الفردي..الهوية التي تتمحور حول "أنا" و ليس "نحن" و "هم". بحاجة إلى أن يتعلم الإنسان العربي أن "يمثل نفسه" فقط، فذلك أكثر عدلا و أكثرانسجاما مع المنطق و مع واقع الحياة.
No comments:
Post a Comment