إنه الكريسماس...تزادن الشوارع و البيوت و المحلات بالأضواء و الزينة الخاصة بهذه المناسبة بما فيها شجرة
الميلاد، و يتبادل الناس الهدايا و
الرسائل و بطاقات التهنئة، و يتجمع الأهل و الأصدقاء و يترقب الأطفال الهدايا التي
سيحضرها "سانتا كلوز" لهم في هذا الوقت من العام.
طقوس و إن اختلفت كثيرا في شكلها إلا إنها تذكرني كثيرا بأعيادنا التي
نحتفل بها كمسلمين: بهجة الأطفال و لقاء الأهل و الأصدقاء و تبادل الزيارات و شراء
الملابس الجديدة و غيرها من الطقوس التي ترافق العيد.
طقوس تذكرنا دائما أنه لا يوجد ما هو أجمل من البهجة و السلام و سعادة الأطفال، و لا ما هو أبشع من الألم و الحروب و دموع الصغار.
طقوس تذكرنا دائما أنه لا يوجد ما هو أجمل من البهجة و السلام و سعادة الأطفال، و لا ما هو أبشع من الألم و الحروب و دموع الصغار.
لكن الغريب أنه ما إن يبدأ موسم الكريسماس و يبدأ المؤمنون من المسيحيين الاحتفال
بهذه المناسبة و غير المؤمنين في الاسترخاء و الراحة و قضاء الوقت مع العائلة و المقربين، ينشط كثير من المسلمين على وسائل التواصل
الإجتماعي مثل فيسبوك و أيضا في تطبيقات الرسائل الفورية مثل الواتس اب، ينشطون في إرسال الرسائل التحذيرية التي تنذر المسلمين و تنبههم إلى عدم تهنئة النصارى بالكريسماس بل و يعدونهم بالويل و الثبور و عظائم الأمور إن هم قاموا بارتكاب جريمة "التهنئة"..!
ثم يرددون – هم هم نفس الأشخاص – في مناسبات أخرى كيف أن الإسلام هو دين السلام و الرحمة و أنه الدين الوحيد الذي أحسن إلى اليهود و النصارى و أنهم عاشوا في ظل الحكم الإسلامي حياة هانئة و سعيدة، فما هو الإحسان الذي يقصدونه إذا كان مجرد تهنئة أحدهم بعيده تعد كبيرة من الكبائر بل و يقرنونها بقتل النفس؟!
ثم يرددون – هم هم نفس الأشخاص – في مناسبات أخرى كيف أن الإسلام هو دين السلام و الرحمة و أنه الدين الوحيد الذي أحسن إلى اليهود و النصارى و أنهم عاشوا في ظل الحكم الإسلامي حياة هانئة و سعيدة، فما هو الإحسان الذي يقصدونه إذا كان مجرد تهنئة أحدهم بعيده تعد كبيرة من الكبائر بل و يقرنونها بقتل النفس؟!
يقول ابن
القيم في كتابه ( أحكام أهل الذمة) : " وأما التهنئة
بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول
: عيد مبارك عليك ، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه ، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من
المحرمات. وهو بمنـزلة أن تهنئه بسجوده للصليب ، بل ذلك أعظم إثماً عند الله ،
وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس ، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه .
وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ، ولا يدري قبح ما فعل ، فمن هنأ عبداً
بمعصية ، أو بدعة ، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه "
أتعجب كيف يتجرأ أحدهم و يتحدث هكذا نيابة عن الله فيقول: "سيغضب
الله"و "سيسخط الله " و "ذلك أعظم إثما عند الله" و كأنه
المتحدث الرسمي باسم الله و لله المثل الأعلى.
و كيف تكون تهنئة أحدهم بالكريسماس أكبر و أعظم عند الله من "التهئنة
بقتل النفس"؟؟!!
الكريسماس ببساطة هو يوم ميلاد النبي عيسى بالنسبة للمسيحيين، و رغم أننا
نختلف معهم في أن المسيح ليس ابن الله و انما رسوله و لكننا لا نختلف على أن
المسيح ولد في يوم من الأيام كما ولد النبي محمد. أي أن هناك يوم للميلاد، و عندما
تقول لأحدهم "ميلاد مجيد أو سعيد" فما وجه التحريم و الغضب و السخط و
المقت؟؟!! و لماذا تقارن تلك التهنئة بقتل النفس أصلا؟
العجيب أيضا أن كثيرا من المسلمين يختلط عليه الأمر فيعتقد أن الكريسماس هو
رأس السنة الميلادية و هذا غير صحيح..! فالكريسماس يأتي في اليوم الخامس و العشرين من
ديسمبر و هو احتفال ديني بمولد المسيح أما رأس السنة الميلادية فهي في الواحد و
الثلاثين من ديسمبر أي في آخر يوم في العام الميلادي الحالي، و هي مناسبة ليست
دينية و إنما يحتفل بها جميع سكان الأرض حيث يودعون سنة "إدارية" و
يستقبلون سنة أخرى، فمن منا لا يستخدم التقويم الميلادي؟؟!!
على كل حال من عرف الله حق المعرفة لا يشعر بالتهديد و الخوف من احتفالات
الآخرين و لا تقلقه معتقدات الآخرين...من عرف الله حق المعرفة يسعد لسعادة الناس و
يفرح لتقارب الشعوب مع بعضها و لا ينشط في تأليبهم على بعضهم البعض و نشر الكراهية
و البغضاء بين الناس...
"ميلاد مجيد" للمؤمنين
المسيحيين، و "عطلة سعيدة" لغير المؤمنيين...و سنة جديدة سعيدة للجميع،
جعلها الله سنة خير و أمن و محبة في بلداننا المنهكة.
No comments:
Post a Comment