Pages

December 25, 2016

! رغم أنف الكارهين: ميلاد مجيد و سنة جديدة سعيدة







رشا المقالح


إنه الكريسماس...تزادن الشوارع و البيوت و المحلات بالأضواء و  الزينة الخاصة بهذه المناسبة بما فيها شجرة الميلاد،  و يتبادل الناس الهدايا و الرسائل و بطاقات التهنئة، و يتجمع الأهل و الأصدقاء و يترقب الأطفال الهدايا التي سيحضرها "سانتا كلوز" لهم في هذا الوقت من العام.








طقوس و إن اختلفت كثيرا في شكلها إلا إنها تذكرني كثيرا بأعيادنا التي نحتفل بها كمسلمين: بهجة الأطفال و لقاء الأهل و الأصدقاء و تبادل الزيارات و شراء الملابس الجديدة و  غيرها من الطقوس التي ترافق العيد.







 طقوس تذكرنا دائما أنه لا يوجد ما هو أجمل من البهجة و السلام و سعادة الأطفال، و لا ما هو أبشع من الألم و الحروب و دموع الصغار.






لكن الغريب أنه ما إن يبدأ موسم الكريسماس و يبدأ المؤمنون من المسيحيين الاحتفال بهذه المناسبة و غير المؤمنين في الاسترخاء و الراحة و قضاء الوقت مع العائلة و المقربين،  ينشط كثير من المسلمين على وسائل التواصل الإجتماعي مثل فيسبوك و أيضا في تطبيقات الرسائل الفورية مثل الواتس اب، ينشطون في إرسال الرسائل التحذيرية التي تنذر المسلمين و تنبههم إلى عدم تهنئة النصارى بالكريسماس بل و يعدونهم بالويل و الثبور و عظائم الأمور إن هم قاموا بارتكاب جريمة "التهنئة"..!

ثم يرددون – هم هم نفس الأشخاص  – في مناسبات أخرى كيف أن الإسلام هو دين السلام و الرحمة و أنه الدين الوحيد الذي أحسن إلى اليهود و النصارى و أنهم عاشوا في ظل الحكم الإسلامي حياة هانئة و سعيدة، فما هو الإحسان الذي يقصدونه إذا كان مجرد تهنئة أحدهم بعيده تعد كبيرة من الكبائر بل و يقرنونها بقتل النفس؟!


  يقول ابن القيم في كتابه ( أحكام أهل الذمة) : " وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول : عيد مبارك عليك ، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه ، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات. وهو بمنـزلة أن تهنئه بسجوده للصليب ، بل ذلك أعظم إثماً عند الله ، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس ، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه . وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ، ولا يدري قبح ما فعل ، فمن هنأ عبداً بمعصية ، أو بدعة ، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه "

أتعجب كيف يتجرأ أحدهم و يتحدث هكذا نيابة عن الله فيقول: "سيغضب الله"و "سيسخط الله " و "ذلك أعظم إثما عند الله" و كأنه المتحدث الرسمي باسم الله و لله المثل الأعلى.

و كيف تكون تهنئة أحدهم بالكريسماس أكبر و أعظم عند الله من "التهئنة بقتل النفس"؟؟!!

الكريسماس ببساطة هو يوم ميلاد النبي عيسى بالنسبة للمسيحيين، و رغم أننا نختلف معهم في أن المسيح ليس ابن الله و انما رسوله و لكننا لا نختلف على أن المسيح ولد في يوم من الأيام كما ولد النبي محمد. أي أن هناك يوم للميلاد، و عندما تقول لأحدهم "ميلاد مجيد أو سعيد" فما وجه التحريم و الغضب و السخط و المقت؟؟!! و لماذا تقارن تلك التهنئة بقتل النفس أصلا؟

العجيب أيضا أن كثيرا من المسلمين يختلط عليه الأمر فيعتقد أن الكريسماس هو رأس السنة الميلادية و هذا غير صحيح..! فالكريسماس يأتي في اليوم الخامس و العشرين من ديسمبر و هو احتفال ديني بمولد المسيح أما رأس السنة الميلادية فهي في الواحد و الثلاثين من ديسمبر أي في آخر يوم في العام الميلادي الحالي، و هي مناسبة ليست دينية و إنما يحتفل بها جميع سكان الأرض حيث يودعون سنة "إدارية" و يستقبلون سنة أخرى، فمن منا لا يستخدم التقويم الميلادي؟؟!!

على كل حال من عرف الله حق المعرفة لا يشعر بالتهديد و الخوف من احتفالات الآخرين و لا تقلقه معتقدات الآخرين...من عرف الله حق المعرفة يسعد لسعادة الناس و يفرح لتقارب الشعوب مع بعضها و لا ينشط في تأليبهم على بعضهم البعض و نشر الكراهية و البغضاء بين الناس...
 "ميلاد مجيد" للمؤمنين المسيحيين، و "عطلة سعيدة" لغير المؤمنيين...و سنة جديدة سعيدة للجميع، جعلها الله سنة خير و أمن و محبة في بلداننا  المنهكة.

No comments:

Post a Comment