رشا المقالح
و صلتني هذه النكتة في الواتس اب :
((واحدة زوجها ماسكها من شعرها في الشارع وفي اليد الثانية عصا و نازل فيها ضرب وهي تصيح :
يا ظالم يا مفتري، مر عليهم واحد ومسك يد الزوج اللي فيها العصا وقاله : يا أخي
ضرب البهائم بالعصا وضرب النساء بالنساء "يعني تزوج عليها"، الزوج مع
انفعاله ما استوعب فقاله : وضح قصدك؟؟؟ فقالت له الزوجة : ما عليك منه .. كمل
الضرب!!))
ربما يعتقد البعض أن هذه مجرد نكتة
و ليس لها أي قيمة و لا أهمية و لكن النكتة في واقع الأمر تعد نتاجا شعبيا و تخفي
وراءها واقعا ثقافية و اجتماعيا. و هذه النكتة و مثيلاتها نتاج ثقافة تستسيغ العنف
ضد المرأة و لا ترفضه، كما أنها تعمل على تطبيع العنف أكثر و ترسيخه في وجدان
الناس، و جعله مقبولا عن طريق تصويره كأمر مثير للطرافة و الضحك، و هناك تكمن
خطورة الأمر!
تلك النكتة – و غيرها الكثير - مهينة جدا للمرأة العربية، حيث تصورها و كأنها
تفضل أن يضربها زوجها على أن يتزوج عليها و كأن ليس لها سوى هذين الخيارين، و
كلاهما دليل على ضعف شخصيتها و طمس هويتها الإنسانية و انعدام إرادتها و قبولها
التام لأن تدور في فلك الرجل دون اعتراض.
المفارقة هو عندما تضحك النساء على
مثل هذه النكات بل و يتداولنها و يعتبرنها مثيرة للضحك بينما هي في واقع الحال
مثيرة للشفقة لأنها تخفي وراءها واقعا بائسا، تكون فيه المرأة أقل منزلة من الرجل
و بلا كرامة خاضعة ذليلة عليها تلقي الضرب في صمت مخافة أن يتزوج زوجها عليها، فما
المضحك هنا؟؟!!
و ربما يعد مفهوما أن تنتشر مثل تلك
النكات بين الرجال و يتم تداولها و الضحك عليها، كون الرجل هو الطرف المستبد و هو الذي
ينظر للمرأة نظرة دونية، فتأتي تلك النكتة و مثيلاتها لتنفس عن شعوره بالقوة و
التفوق، تماما مثل تلك النكات التي تنتشر بين سكان المدن و التي يتندرون فيها على
سكان الأرياف حيث تشعرهم تلك النكات بأنهم أكثر تحضرا و تمدنا و عصرية، فتأتي نكات "الصعايدة"
مثلا مضحكة للغاية بالنسبة لسكان المدينة، لكن تلك النكت التي تسخر من سكان الأرياف
لن تثير ضحك الصعايدة بل ستكون مثيرة لسخطهم و امتعاضهم.
و لهذا أستغرب كثيرا عندما أجد مثل تلك النكات المهينة للمرأة منتشرة بين أوساط النساء بل و يقمن بتداولها و الضحك عند سماعها! لكن من الواضح أن المرأة العربية، و اليمنية بشكل خاص تعرضت إلى "غسيل دماغ" جعلها تتنازل عن كرامتها الانسانية و ثقتها بنفسها لدرجة أن تجد ذلك الوضع البائس طريفا!
هذه النوعية من النكات ينبغي ألا
تمر علينا نحن النساء مرور الكرام، و انما من الواجب علينا رفضها و مقاومتها و عدم
المساهمة في نشرها و تداولها، و يجب عندما تصلنا مثل تلك النكات أن نرد عليها
بكلمة واحدة :
No comments:
Post a Comment