رشا المقالح
على الرغم من أننا نعيش في عصر الانترنت و الفضاء المفتوح، عصر العلم و
التكنولوجيا و الحصول على المعلومة "بضغطة زر" إلا أن العالم العربي من
الناحية الفكرية و العلمية لا زال يعيش سذاجة القرون الغابرة. افتح التلفاز و قلب
القنوات الفضائية لتفاجأ بعدد القنوات "الدينية" و كذلك بالبرامج
الدينية على القنوات غير الدينية و لاحظ المتابعة الهائلة التي تحظى بها مثل تلك
البرامج التي تتكاثر يوما بعد يوم بشكل لا يصدق!
استمع إلى مقدمي أو ضيوف تلك البرامج من "شيوخ" و "علماء" لتصدم بحجم إعاقتهم الفكرية، أما تأثير تلك الإعاقة الفكرية على الناس فستراها بوضوح عندما تستمع إلى تساؤلات المتصلين والمتابعين. تساؤلات غاية في السذاجة و الضحالة، تستشف منها غيبوبة فكرية تغلف العقل العربي بغلاف كثيف.
استمع إلى مقدمي أو ضيوف تلك البرامج من "شيوخ" و "علماء" لتصدم بحجم إعاقتهم الفكرية، أما تأثير تلك الإعاقة الفكرية على الناس فستراها بوضوح عندما تستمع إلى تساؤلات المتصلين والمتابعين. تساؤلات غاية في السذاجة و الضحالة، تستشف منها غيبوبة فكرية تغلف العقل العربي بغلاف كثيف.
فعندما ظهرت القنوات الفضائية و الانترنت لم نستخدمها في نشر الوعي الثقافي
و التقدم العلمي، بل استخدمناها لنشر مئات بل آلاف الفتاوى و البرامج التي تناقش "الأحكام الشرعية"
لأمور سخيفة للغاية!!
و هكذا بدلا من أن يضمحل دور هؤلاء المشايخ المعاقين فكريا، نجدهم يحصلون على
منابر لم يكونوا ليحلموا بها يوما ما لينشروا جهلهم و تراهاتهم، و ليتدخلوا في كل تفاصيل حياتنا فهناك "حكم شرعي" لكل شيء مثل طلاء
الأظافر و وضع كريم الأساس على الوجه، ، و تركيب الرموش، و نتف الحواجب، مرورا بالأكل
بالشوكة و السكينة ،و رنات هواتفنا المحمولة ، و أخيرا و ليس آخر استخدام الواتس
اب و الوجوه التعبيرية emoji!!! حتى "مجرد التفكير"
له أحكام شرعية و فتاوى عديدة!!!
و لم يتبقى إلا أن نسأل عن حكم الاستيقاظ صباحا ، و النوم مساءا ، و حكم
تناول الغداء في الساعة الواحدة، و حكم إضافة الحليب إلى الشاي، أو بالأصح هل يجوز
شرب الشاي أصلا؟؟!!
تجد
نفسك تقف ذاهلا أمام كمية مهولة من السخف الذي لن تجد له نظيرا في بقية أنحاء
العالم، سخف يخلق أزمة حقيقية في عقل المتلقي العربي، فعلى سبيل المثال لا الحصر
في الوقت الذي اتجه العالم إلى تنظيم الرياضة و وضع قوانين و تنظيمات هيكلية خاصة بها، و بطولات عالمية مختلفة، هذا على المستوى الاحترافي، أما على مستوى
الهواة فهناك أندية يستطيع فيها الشباب اللعب و ممارسة رياضتهم المفضلة، و ذلك
لأهمية الرياضة
ثم يلخص رأيه في رياضة كرة القدم تلخيصا مفحما لا تملك أمامه إلا أن تشعر
بضآلة عقلك أمام تلك العبقرية التي خرجت باستنتاج خطير لم يفطن إليه أحد من محبي
كرة القدم و محترفيها في أنحاء العالم، حيث يرى شيخنا الجليل أن كرة القدم هي عبارة
عن : " لعيبة بيلعبوا بالكورة في الملعب و ده لعب!!!" و هو يقصد بهذا
تحقير تلك الرياضة و الاستخفاف بها و بمن يمارسونها و من يتابعونها!
يحدث هذا
في عالمنا العربي بينما نجد في العالم الغربي اهتماما كبيرا جدا بالرياضة، و
انتشار الأندية و أماكن التدريب الخاصة بالرياضات المختلفة و تشجيع الأطفال و
الشباب على ممارسة أي "لعبة" رياضية لما في ذلك من دور في بناء شخصية الفرد و تنمية ثقته
بنفسه و شغل وقت فراغه بما يفيد صحته الجسدية و النفسية!
و إذا تركنا الحديث عن "الإفتاء الرياضي" وانتقلنا إلى الإفتاء الاجتماعي و الأسري، فحدث
و لا حرج!
فمثلا اتصلت امرأة لبرنامج أحد المشايخ العبقريين، تقول له أنها متزوجة
منذ عام و أن زوجها رجل جيد و يحسن معاملتها و لكنها لا تحبه و هذا الأمر ليس
بيدها، فقال لها من ضمن ما قاله : "ينبغي أن يقع الحب في قلبك
لهذا
الرجل...!!!" ثم نصحها بالاستمرار و البقاء معه!!
مشكلة المرأة المتصلة حلها ليس عند الشيخ العريفي أو غيره من المشايخ الأدعياء، و لكنها العقلية العربية التي لا تبحث عن حل لمشكلتها بقدر ما تبحث عن "حكم شرعي" حتى لمشاعرها!!!
مشكلة المرأة المتصلة حلها ليس عند الشيخ العريفي أو غيره من المشايخ الأدعياء، و لكنها العقلية العربية التي لا تبحث عن حل لمشكلتها بقدر ما تبحث عن "حكم شرعي" حتى لمشاعرها!!!
تلك الزوجة تبحث عن حكم "عدم حبها لزوجها" و تريد من يقول لها ما
إذا كان ذلك حلالا أم حراما ، جائزا أو مكروها، و قد كان حريا بها أن
تستشير أخصائي علاقات زوجية، أو مستشار في شئون الأسرة و لكن كل ذلك لا حاجة لنا به في عالمنا العربي مادام المفتي يقوم مقام ذلك كله! و هكذا نجد الشيخ في بلادنا العربية يفتي في كل شيء لأنه يفهم في كل شيء! يفهم في رياضة كرة القدم و يفهم في العلاقات الأسرية و يقدم استشارات زوجية!
بل ان هناك أحكاما شرعية لكل شيء يخطر على بالك، و لا يخطر على بالك!! فحتى قص
النساء لشعرهن و نتف الإبط و حلق العانة له أحكام شرعية عند هؤلاء المشايخ؟! من أين تأتي هذه المخلوقات و كيف تكاثرت بهذه الطريقة و سيطرت على حياتنا بهذا الشكل المفزع و المروع؟!!
هؤلاء "المشايخ" أدعياء العلم الذين نصبوا أنفسهم وكلاء للسماء
في الأرض،هم في واقع الأمرمجرد مجموعة من الفشلة الذين لم يجدوا لهم دورا فعالا
حقيقيا في الحياة، فاتجهوا للمشيخة و امتهنوا "الإفتاء"، و استغباء
الناس و التنكيد عليهم و تنغيص حياتهم، و جعلهم يعيشون في دوامة من الشعور بالذنب
و الخوف طوال الوقت، هذا بالإضافة إلى دورهم في نشر التحريض و العنف و الكراهية!
و لو أننا قمنا بإلغاء هذه الفئة من الناس تماما من حياتنا لعشنا حياة صحيحة و صحية، سياسيا و اجتماعيا و فكريا و ثقافيا، أما بدون ذلك فسنظل نحيا في كهوف الجهل و نغرق في بحر من الظلمات بينما ينعم العالم من حولنا بضوء الشمس الساطع و أشعتها الدافئة.
و لو أننا قمنا بإلغاء هذه الفئة من الناس تماما من حياتنا لعشنا حياة صحيحة و صحية، سياسيا و اجتماعيا و فكريا و ثقافيا، أما بدون ذلك فسنظل نحيا في كهوف الجهل و نغرق في بحر من الظلمات بينما ينعم العالم من حولنا بضوء الشمس الساطع و أشعتها الدافئة.
No comments:
Post a Comment