رشا المقالح
في لقاء تلفزيوني على إحدى الفضائيات دار حديث حول ضرب الزوجة و تفسير قوله تعالى
: ((و اضربوهن)) و أراد الشيخ ضيف الحلقة أن يبين للناس معنى الضرب أو الطريقة
المثلى و التي – حسب قوله - اتفق الفقهاء عليها، فأخرج سواكه و ضرب على يده ضربة
خفيفة و قال هكذا يكون الضرب و ليس أكثر و هذا فقط في حالة النشوز...!
و نشوز الزوجة في تعريف الفقهاء ليس له معنى محدد فهو واسع جدا بحيث يشمل "الاستخفاف بالزوج و عصيانه"، و "أن تكون سليطة اللسان متعالية على زوجها"، و " امتناع المرأة عن الفراش"، و إدخالها بيته من يكره أو كما قال أحدهم "مثل ابن عمها الذي تربت معه و تتساهل في علاقتها به"، و هكذا...!
أولا أيها السادة الفقهاء العلاقة الزوجية ليست علاقة بين طرفين أحدهما بالغ و الآخر قاصر بحاجة للتربية و التأديب فهي ليست كعلاقة الأم بطفلها أو الأب بإبنته، و ليست علاقة بين سيد و تابع، و إنما هي علاقة ناضجة بين طرفين عاقلين بالغين متكافئين، يفكران معا في حياتهما و يتشاوران سويا في قراراتهما و في ما يصلح لأولادهما حتى في مسألة فصال الطفل قال تعالى: (( فإن أرادا فصالا عن تراض منهما و تشاور فلا جناح عليهما))، العلاقة الزوجية هي علاقة مودة و رحمة و سكن لقوله تعالى : ((وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)) و قوله تعالى :(( َجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا))..((هن لباس لكم و أنتم لباس لهن))...
ثانيا : بالعودة إلى ذلك الشيخ الذي ادعى أن معنى ((و اضربوهن))– بإجماع الفقهاء - أي بالسواك و يكون ضربا خفيفا، فكلامه هذا مخالف لكثير من الأحاديث الواردة في هذا الشأن فمثلا:
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الزَّاهِدُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْجُنَيْدِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَجُلًا لَطَمَ امْرأَتَهُ ، فَخَاصَمَتْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ مَعَهَا أَهْلُهَا فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّ فُلَانًا لَطَمَ صَاحِبَتَنَا ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " الْقِصَاصُ ، الْقِصَاصُ ، وَلَا يَقْضِي قَضَاءً ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ : الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ سورة النساء آية 34 قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَرَدْنَا أَمْرًا وَأَرَادَ اللَّهُ غَيْرَهُ " .
و أيضا:
"حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، سمعت الزهري يقول : لو أن رجلا شج امرأته أو جرحها ، لم يكن عليه في ذلك قود ، وكان عليه العقل ، إلا أن يعدو عليها فيقتلها ، فيقتل بها"
و نشوز الزوجة في تعريف الفقهاء ليس له معنى محدد فهو واسع جدا بحيث يشمل "الاستخفاف بالزوج و عصيانه"، و "أن تكون سليطة اللسان متعالية على زوجها"، و " امتناع المرأة عن الفراش"، و إدخالها بيته من يكره أو كما قال أحدهم "مثل ابن عمها الذي تربت معه و تتساهل في علاقتها به"، و هكذا...!
أولا أيها السادة الفقهاء العلاقة الزوجية ليست علاقة بين طرفين أحدهما بالغ و الآخر قاصر بحاجة للتربية و التأديب فهي ليست كعلاقة الأم بطفلها أو الأب بإبنته، و ليست علاقة بين سيد و تابع، و إنما هي علاقة ناضجة بين طرفين عاقلين بالغين متكافئين، يفكران معا في حياتهما و يتشاوران سويا في قراراتهما و في ما يصلح لأولادهما حتى في مسألة فصال الطفل قال تعالى: (( فإن أرادا فصالا عن تراض منهما و تشاور فلا جناح عليهما))، العلاقة الزوجية هي علاقة مودة و رحمة و سكن لقوله تعالى : ((وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)) و قوله تعالى :(( َجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا))..((هن لباس لكم و أنتم لباس لهن))...
ثانيا : بالعودة إلى ذلك الشيخ الذي ادعى أن معنى ((و اضربوهن))– بإجماع الفقهاء - أي بالسواك و يكون ضربا خفيفا، فكلامه هذا مخالف لكثير من الأحاديث الواردة في هذا الشأن فمثلا:
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الزَّاهِدُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْجُنَيْدِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَجُلًا لَطَمَ امْرأَتَهُ ، فَخَاصَمَتْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ مَعَهَا أَهْلُهَا فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّ فُلَانًا لَطَمَ صَاحِبَتَنَا ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " الْقِصَاصُ ، الْقِصَاصُ ، وَلَا يَقْضِي قَضَاءً ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ : الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ سورة النساء آية 34 قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَرَدْنَا أَمْرًا وَأَرَادَ اللَّهُ غَيْرَهُ " .
و أيضا:
"حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، سمعت الزهري يقول : لو أن رجلا شج امرأته أو جرحها ، لم يكن عليه في ذلك قود ، وكان عليه العقل ، إلا أن يعدو عليها فيقتلها ، فيقتل بها"
ما هو موقف هذه المرويات من الضرب بنعومة باستخدام السواك؟! و
كيف يكون من معاني النشوز أن تمتنع المرأة عن معاشرة زوجها فيعاقبها "بالهجر
في المضجع"؟! و هل إذا رفضت الزوجة معاشرة زوجها عليه أن يؤدبها حتى يرغمها على قبول ذلك؟ و هل إذا كان من معاني النشوز بغض الزوجة لزوجها و امتناعها عنه
فإن ضربها سيحملها على حبه و الرضوخ له؟ و أين موقع الآية (( فإمساك بمعروف أو
تسريح بإحسان))؟؟ ثم إذا كانت الزوجة ناشزا بمعنى أنها سليطة اللسان و لا تحترم
الزوج و لا تحفظه فهل سيؤثر معها ضربة خفيفة بالسواك؟! ما هذا العبث التربوي و
التفسير الطفولي الساذج للآيات؟ إنهم لا يمانعون من الإساءة لله و لرسوله مقابل
احتفاظهم بسلطاتهم الذكورية و إذلالهم للمرأة و إخضاعهم لها.
ألم يحن الوقت بعد لاعتماد معنى آخر مختلف تماما عن المعنى السائد للقوامة و النشوز؟ ثم ألا توجد معان أخرى و كثيرة لكلمة الضرب في القرآن غير معنى الأذى الجسدي فلماذا نستمع القول و لا نتبع أحسنه؟ و لماذا يصر الفقهاء على تثبيت معنى مخزٍ كهذا دون غيره و يستميتون في الدفاع عنه و يضعون النص القرآني في مأزق أمام الفطرة السليمة؟! أليس من المخجل أن تتجه كثير من دول العالم لمنع ضرب الأطفال و تجريمه، و يأتي فقهاءنا ليقولوا أن القرآن سمح للأزواج بضرب زوجاتهم و تأديبهن؟
صحيح أن الخلافات واردة جدا في العلاقات الزوجية لكن ما نوعية تلك الخلافات التي قصدتها الآية و وضعت لها حلولا؟! هل النشوز هو ذلك التعريف الواسع الفضاض الذي وضعه الفقهاء؟ أم هو نشوز ناشيء اصلا عن حيازة القوامة فالآية تتحدث أساسا عن القوامة و التي أساسها المال و ليس عن امتناع المرأة عن فراش زوجها و لا عن سلاطة لسانها!
ألم يحن الوقت بعد لاعتماد معنى آخر مختلف تماما عن المعنى السائد للقوامة و النشوز؟ ثم ألا توجد معان أخرى و كثيرة لكلمة الضرب في القرآن غير معنى الأذى الجسدي فلماذا نستمع القول و لا نتبع أحسنه؟ و لماذا يصر الفقهاء على تثبيت معنى مخزٍ كهذا دون غيره و يستميتون في الدفاع عنه و يضعون النص القرآني في مأزق أمام الفطرة السليمة؟! أليس من المخجل أن تتجه كثير من دول العالم لمنع ضرب الأطفال و تجريمه، و يأتي فقهاءنا ليقولوا أن القرآن سمح للأزواج بضرب زوجاتهم و تأديبهن؟
صحيح أن الخلافات واردة جدا في العلاقات الزوجية لكن ما نوعية تلك الخلافات التي قصدتها الآية و وضعت لها حلولا؟! هل النشوز هو ذلك التعريف الواسع الفضاض الذي وضعه الفقهاء؟ أم هو نشوز ناشيء اصلا عن حيازة القوامة فالآية تتحدث أساسا عن القوامة و التي أساسها المال و ليس عن امتناع المرأة عن فراش زوجها و لا عن سلاطة لسانها!
لماذا يسمحون للرجال بضرب زوجاتهم و هم يعرفون بل و يرددون طوال الوقت أن النبي عليه الصلاة و
السلام ماضرب خادما و لا امرأة قط ؟! و امتناع النبي عن الضرب بمعناه الفيزيائي لمن هم أضعف منه ينسجم مع الرجولة الحقيقية و
الأخلاق العالية و التي يعد نبينا عليه الصلاة و السلام أجل مثال عليها. لكن ما يحصل في واقعنا مخالف لذلك تماما حيث ينشأ الذكور في مجتمعاتنا الإسلامية على احتقار الأنثى و اعتبارها "ناقصة عقل
و دين" و "فتنة" و هي"عورة" و " اذا ما خرجت من
بيتها استشرفها الشيطان" و عندما تتزوج يحق لزوجها ضربها ثم يأتي بعد ذلك من يقول أن الإسلام كرم
المرأة؟!
و مما أدهشني حقيقة أن ذلك الشيخ استشهد في ذلك اللقاء بأن
المرأة "تضرب" دائما و في كل الثقافات و بأن هناك إحصائيات مخيفة في
الغرب عن العنف ضد المرأة، و كأن لسان حاله يقول أن القرآن لم يختلق و يبتدع شيئا
جديدا هنا ! صحيح أن العنف المنزلي منتشر في كل أنحاء العالم، لكن على الأقل لديهم
هناك إحصائيات رسمية بهذا الخصوص و لديهم قانون يجرم العنف الجسدي ،أما في مجتمعاتنا
و بلداننا الإسلامية فضرب المرأة لا يعد جرما و لا تعديا و لا أمرا يستحق الإحصاء،
و هذا طبيعي مادامت تضرب بأمر إلهي!
No comments:
Post a Comment