Pages

July 18, 2016

أحاديث "صحيحة"...مسيئة

أنيس الباشا

كلنا نشعر بالغضب الشديد وبالإهانة عندما تقوم بعض صحف الغرب أو بعض الأقلام الغربية بنشر اساءات واتهامات مشينة لرسولنا الكريم، وشعورنا هذا شعور طبيعي نابع من حبنا وتقديرنا الكبيرين لرسولنا الذي بعثه الله رحمة للعالمين..

ولكن هل تساءلنا مرة من أين تأتي تلك الصحف والأقلام الغربية بتلك الاساءات والاتهامات المشينة لمقام وشخص الرسول عليه الصلاة والتسليم؟

سأستعرض في هذا المقام ثلاثة أحاديث فقط يفترض أنها "صحيحة" وقد وردت في صحيح البخاري، ومن خلالها يمكن أن نتبين من أين يأتي أعداء الإسلام باساءاتهم واهاناتهم للرسول الخاتم..


الحديث الأول:
((حدثنا محمد بن بشار، قال حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة قال: حدثنا  أنس بن مالك، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار، وهن إحدى عشرة‏. ‏ قال: قلت لأنس أو كان يطيقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين‏,‏ وقال سعيد عن قتادة إن أنسًا حدثهم تسع نسوة))"
صحيح البخاري-  الغسل 265

وهذا الحديث يسيء للغاية إلى مقام رسول الله إذ أنه يصور النبي كشخص مسعور جنسيا يقوم بمعاشرة تسع نساء في ساعة واحدة وبغسل واحد! والمرء يتساءل أين المشاعر والمودة والحب بين رجل يقوم بهذه العملية مع مجموعة من النساء وفي ساعة واحدة؟؟ وهل هذا هو النبي الكريم الذي خاطبه ربه بقوله "يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا* نصفه أو انقص منه قليلا* أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا* إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا"؟؟

 ثم هل علاقة النبي الخاصة بزوجاته هي محل حديث ونقاش بين "الصحابة"؟ و من الذي حدث أنس بن مالك بما يحدث في بيت رسول الله بينه وبين زوجاته؟ هل هو النبي؟ هل يمكن ان نصدق أن يتكلم رسول الله في شأن كهذا مع أحد من الناس ويخبره أنه يجامع زوجاته التسع في ساعة واحدة؟ وإذا لم يكن رسول الله هو من أخبر أنس بالأمر فهل تكون إحدى زوجات النبي وأمهات المؤمنين هي من أخبرته؟ أليست هذه أسرار خاصة لا يصح أن يتحدث بها أحد من عامة الناس فكيف ببيت النبوة؟

وبلغت الاساءة بالحديث وعدم التأدب مع رسول الله إلى أن يتساءل الراوي محدثا أنس "أو كان يطيقه" فيجيبه هذا بأن النبي أعطي قوة ثلاثين رجل في القدرة الجنسية! من الذي "حدث" هؤلاء بمقدار القوة الجنسية لدى رسول الله وكيف تم قياسها؟ لا يفوت المرء أن يلاحظ مدى "سوقية" وابتذال هذا الحوار الذي يشبه المحادثات التي تدور بين أراذل الناس حيث يعشقون الحديث في أمور الجنس والفحولة وكم هي قوة فلان وكم هي قدرة علان!!

الحديث الثاني:
((عن أنس بن مالك ـ رضى الله عنه ـ أنه سمعه يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أم حرام بنت ملحان، فتطعمه. وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطعمته وجعلت تفلي رأسه، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ وهو يضحك‏. قالت: فقلت: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ‏ناس من أمتي عرضوا علي، غزاة في سبيل الله، يركبون ثبج هذا البحر، ملوكًا على الأسرة – أو – مثل الملوك على الأسرة (شك إسحاق – الراوي –‏)،‏ قالت: فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم‏،‏ فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وضع رأسه، ثم استيقظ وهو يضحك فقلت: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ‏ناس من أمتي عرضوا على، غزاة في سبيل الله، كما قال في الأول‏،‏ قالت: فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم‏،‏ قال: ‏أنت من الأولين"))
صحيح البخاري – الجهاد والسير 2636


والحديث أعلاه يفترض أن في رأس النبي عليه الصلاة والسلام "قمل" والقمل يوجد في الشعور القذرة التي لا ينظفها أصحابها وحاشاه رسولنا الكريم أن يكون من هؤلاء..
ثم يخبرنا الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام يدخل على امرأة أجنبية عنه ومتزوجة فينام عندها بينما هي تفلي رأسه! بينما هناك أحاديث أخرى تؤكد أن النبي لم يصافح إمرأة لا تحل له فكيف يسمح لإحداهن بأن تفلي له شعر رأسه؟

كما أن صيغة الحديث نفسها بين موضوع "فلي" الرأس والنوم توحي بتبسط الرسول الكريم مع المرأة المتزوجة و هذا أمر مقزز ينأى عن فعله كرام القوم فما بالكم بالنبي محمد و هو من وصفه الله عز و جل : (( و إنك لعلى خلق عظيم)) ....!

الحديث الثالث:
(( عن عائشة رضي الله عنها، أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع ـ وهو صعيد أفيح (أي مكان واسع أو خلاء) ـ فكان عمر يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: إحجب نساءك‏, فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل. فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي عشاء، وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر: ألا قد عرفناك يا سودة‏, حرصًا على أن ينزل الحجاب، فأنزل الله آية الحجاب".)) صحيح البخاري – الوضوء 146


غريبة هي طريقة مخاطبة سيدنا عمر لرسول الله بقوله "احجب نساءك" وكأنه رجل راشد بالغ يخاطب شخصا طائشا غير مسئول، بينما أمر الله المؤمنين في كتابه الحكيم بالتأدب مع رسول الله وألا يرفعوا أصواتهم فوق صوت النبي!


وهنا تصوير للفاروق عمر بن الخطاب كأي مراهق طائش يقضي يومه في الجلوس في الشوارع آخر الليل ليترصد النساء اللواتي يخرجن للخلاء لقضاء الحاجة ثم حين يرى إحداهن يبادر بالصراخ قد عرفناك يا فلانة! بالإضافة إلى أن طريقة نداء سيدنا عمر لأم المؤمنين سودة بطريقة "ألا قد عرفناك يا سودة" فيها قلة أدب لا يجرؤ أحدنا أن يفعلها مع زوجة صديق له فكيف يمكن أن يقوم الفاروق بهذا الفعل ومع من؟ مع إحدى أمهات المؤمنين!!

ثم انظروا إلى ركاكة المنطق حيث يقول في الحديث أن سودة بنت زمعة كانت طويلة مما يوحي أن عمر عرفها من طولها، فهل كان الحجاب سيخفي طولها؟؟!!!

هذه عينات بسيطة فقط مما يعرف بأصح الكتب بعد كتاب الله وهو صحيح البخاري، وهناك مئات الأحاديث والمرويات التي تشوه صورة ومقام النبي الكريم وموجودة في كتب الصحاح ويعرفها ويحفظها أهل العلم و"الاختصاص" - و لكنهم في أغلب الأحيان يخفونها عن العامة –  ثم بعد هذا كله نتساءل في غضب ومرارة لماذا يتطاول هؤلاء الغربيون "الكفار" على نبينا ورسولنا؟ الجواب أنهم لم يفعلوا أكثر من قراءة كتب الصحاح و النظر في أحوال المسلمين!

No comments:

Post a Comment