أنيس الباشا
أثناء التجوال في شوارع أوروبا، لابد أن تقابلني هذه الكلمة التي
يعلقها كثيرون على واجهات المقاهي والمطاعم والبارات.. إنها كلمة "موكا"!
حتى في السوبر ماركت لابد أن أجد أباريق خاصة بغلي القهوة مكتوبا عليها
"موكا"...
ليس لدي تفسير لماذا ينتابني شعورغريب بالفخرحين تقع
عيناي على هذه الكلمة! نعم..رغم إنني لا أعد نفسي حتى من
مدمني شرب القهوة لكني أشعر بمجرد قراءة كلمة موكا بنوع من الانتماء والاعتزاز،
فنحن لسنا ذلك البلد التعيس الذي يوصف في وسائل الإعلام بأنه "أفقر بلدان المنطقة"..
إن ميناء المخا العتيق الذي استوحت منه هذه الكلمة الشهيرة "موكا" هو
ميناء يمني أصيل كان أول ميناء يتم من خلاله
تصدير البن اليمني بآلاف الأطنان إلى مختلف أنحاء العالم وذلك بين القرنين الخامس
عشر والسابع عشر..واليوم يشير مصطلح «موكا كوفي» إلى أجود أنواع البن في العالم،
لذلك تقوم المطاعم ومحلات شرب القهوة بتعليق هذا الاسم للدلالة على نوعية
المنتج الذي يقدموه..
ومدفوعا بتلك المشاعر أجد نفسي اندفع لأسأل من حولي بفخر
واضح "هل تعرفون أصل هذه الكلمة" وكم يصيبني الإحباط ويغمرني الأسى حين
تكون الإجابة – دائما- بالنفي! ساعتها يتبخر كل ذلك الفخر الخفي الذي انتابني
للحظات ! والذي يثير الغيظ أكثر أن كثيرا من الأوروبيين يعرفون "القات" ويسألون عنه وعن "أسطورته" في اليمن!!
لقد حبانا الله بسلعة ثمينة يستهلكها العالم كله بشراهة
وتمثل تجارة هذه السلعة نصف صادرات دولة مثل كولومبيا ثم لا نهتم بهذه الهبة ولا
نسوقها ولا نصدرها!! لقد صدمت حين عرفت أنه من بين العشرين دولة الأعلى إنتاجا
للبن لن تجد اسم اليمن!
لا والأدهى والأمر أن المزارع اليمني يقوم منذ عقود باقتلاع شجرة البن وغرس القات بدلا منها! طبعا فبزنس
"المولعة" و"البحشام" أفضل وأضمن من شغل التصدير ومن تلك
المصطلحات الرنانة مثل الناتج القومي والثروة القومية..الخ
كثير من اليمنيين – للأسف الشديد – يتبنون فكرة أن البلد
في حقيقة الأمر فقير وتعيس ولذلك فإن غالبية الناس تعيش في فقر مدقع وبؤس شديد!
نعم هذا صحيح بالنسبة للفقر والمعاناة التي لها أسباب عديدة ولكن هذا لا يعني أبدا
أننا فقراء في الموارد.. بل على العكس بلدنا غني جدا بالموارد التي لم يُستغل
أكثرها للأسف أو تم إهماله كما هو الحال مع موضوع البن.. ولذلك نجد الفقر منتشر في
كل مكان ليس لأننا لا «نملك» ولكن لأننا لا «نستغل» ما نملكه بالفعل!
لو قامت
الحكومة بالالتفات إلى هذا الجانب وتشجيعه وتطويره ورفع الوعي بشأنه وتقديم
التسهيلات والارشادات والخدمات له لأصبحت صادرات البن فقط تدر علينا المليارات
سنويا ولأمكننا أن ننافس عالميا في هذا المجال بل ربما نتفوق على الآخرين..
لكن الجميع فالح في التندم فقط أو عقد الاجتماعات وورش العمل المتنوعة وفي الأخير
تطلع الصحف بعناوين كلها حسرة وألم على مستقبل البن اليمني ومصير هذه الثروة
العظيمة التي تضيع ولا تستغل ولا أحد يسأل أو يتساءل حتى من المتسبب في هذا! و ما
الذي تفعله "وزارة" كاملة مخصصة للزراعة إن كانت لا تملك أن تتبنى وتنفذ
خطط طويلة وقصيرة الأجل لدعم واستغلال هذه الثروة القومية..
وإلى أن يحين الوقت الذي نرى فيه
البن اليمني يغزو الأسواق العالمية مجددا سأحاول من ناحيتي ألا أكون سلبيا، لذلك
فلن أيأس أبدا وسأحكي حكاية قصة البن اليمني "موكا" لكل من أصادفه
في بلاد المهجر وسأحاول جعلهم يفهمون أن البن اليمني أو "موكا" هو أفضل
بن في العالم كله وأنه كنزنا الثمين الذي أضعناه لكن ربما نستعيده يوما ما!
أنيس الباشا
أثناء التجوال في شوارع أوروبا، لابد أن تقابلني هذه الكلمة التي يعلقها كثيرون على واجهات المقاهي والمطاعم والبارات.. إنها كلمة "موكا"! حتى في السوبر ماركت لابد أن أجد أباريق خاصة بغلي القهوة مكتوبا عليها "موكا"...
أثناء التجوال في شوارع أوروبا، لابد أن تقابلني هذه الكلمة التي يعلقها كثيرون على واجهات المقاهي والمطاعم والبارات.. إنها كلمة "موكا"! حتى في السوبر ماركت لابد أن أجد أباريق خاصة بغلي القهوة مكتوبا عليها "موكا"...
ليس لدي تفسير لماذا ينتابني شعورغريب بالفخرحين تقع
عيناي على هذه الكلمة! نعم..رغم إنني لا أعد نفسي حتى من
مدمني شرب القهوة لكني أشعر بمجرد قراءة كلمة موكا بنوع من الانتماء والاعتزاز،
فنحن لسنا ذلك البلد التعيس الذي يوصف في وسائل الإعلام بأنه "أفقر بلدان المنطقة"..
إن ميناء المخا العتيق الذي استوحت منه هذه الكلمة الشهيرة "موكا" هو
ميناء يمني أصيل كان أول ميناء يتم من خلاله
تصدير البن اليمني بآلاف الأطنان إلى مختلف أنحاء العالم وذلك بين القرنين الخامس
عشر والسابع عشر..واليوم يشير مصطلح «موكا كوفي» إلى أجود أنواع البن في العالم،
لذلك تقوم المطاعم ومحلات شرب القهوة بتعليق هذا الاسم للدلالة على نوعية
المنتج الذي يقدموه..
ومدفوعا بتلك المشاعر أجد نفسي اندفع لأسأل من حولي بفخر
واضح "هل تعرفون أصل هذه الكلمة" وكم يصيبني الإحباط ويغمرني الأسى حين
تكون الإجابة – دائما- بالنفي! ساعتها يتبخر كل ذلك الفخر الخفي الذي انتابني
للحظات ! والذي يثير الغيظ أكثر أن كثيرا من الأوروبيين يعرفون "القات" ويسألون عنه وعن "أسطورته" في اليمن!!
لقد حبانا الله بسلعة ثمينة يستهلكها العالم كله بشراهة
وتمثل تجارة هذه السلعة نصف صادرات دولة مثل كولومبيا ثم لا نهتم بهذه الهبة ولا
نسوقها ولا نصدرها!! لقد صدمت حين عرفت أنه من بين العشرين دولة الأعلى إنتاجا
للبن لن تجد اسم اليمن!
كثير من اليمنيين – للأسف الشديد – يتبنون فكرة أن البلد
في حقيقة الأمر فقير وتعيس ولذلك فإن غالبية الناس تعيش في فقر مدقع وبؤس شديد!
نعم هذا صحيح بالنسبة للفقر والمعاناة التي لها أسباب عديدة ولكن هذا لا يعني أبدا
أننا فقراء في الموارد.. بل على العكس بلدنا غني جدا بالموارد التي لم يُستغل
أكثرها للأسف أو تم إهماله كما هو الحال مع موضوع البن.. ولذلك نجد الفقر منتشر في
كل مكان ليس لأننا لا «نملك» ولكن لأننا لا «نستغل» ما نملكه بالفعل!
لو قامت الحكومة بالالتفات إلى هذا الجانب وتشجيعه وتطويره ورفع الوعي بشأنه وتقديم التسهيلات والارشادات والخدمات له لأصبحت صادرات البن فقط تدر علينا المليارات سنويا ولأمكننا أن ننافس عالميا في هذا المجال بل ربما نتفوق على الآخرين.. لكن الجميع فالح في التندم فقط أو عقد الاجتماعات وورش العمل المتنوعة وفي الأخير تطلع الصحف بعناوين كلها حسرة وألم على مستقبل البن اليمني ومصير هذه الثروة العظيمة التي تضيع ولا تستغل ولا أحد يسأل أو يتساءل حتى من المتسبب في هذا! و ما الذي تفعله "وزارة" كاملة مخصصة للزراعة إن كانت لا تملك أن تتبنى وتنفذ خطط طويلة وقصيرة الأجل لدعم واستغلال هذه الثروة القومية..
وإلى أن يحين الوقت الذي نرى فيه
البن اليمني يغزو الأسواق العالمية مجددا سأحاول من ناحيتي ألا أكون سلبيا، لذلك
فلن أيأس أبدا وسأحكي حكاية قصة البن اليمني "موكا" لكل من أصادفه
في بلاد المهجر وسأحاول جعلهم يفهمون أن البن اليمني أو "موكا" هو أفضل
بن في العالم كله وأنه كنزنا الثمين الذي أضعناه لكن ربما نستعيده يوما ما!
No comments:
Post a Comment