Pages

January 22, 2015

الإنسان الغربي و الآلة

رشــا المقالح


هل جربتم استخدام الجوجل ماب من أجل الوصول إلى مكان تعرفون طريقة الوصول إليه، و لاحظتم المسارات التي يعطيها لكم ؟! ستكون النتيجة في أغلب الأحوال هي مسارات على طريقة "أين أذنك يا جحا؟!" و المكان الذي يستغرق الوصول إليه  7 دقائق سيرا على الأقدام، فباستخدام الجوجل ماب من الممكن أن يستغرق 15 دقيقة و ربما أكثر! و هذا شي طبيعي في حالة الآلة، لأنها تتعامل مع مسارات محددة و أسماء شوارع رئيسية أما الاختصارات و الشوارع الجانبية فهي من اختصاص العقل البشري.الطريف أن كثيرا من الناس و سائقي السيارات الخاصة و سائقي التاكسي في الغرب يعتمدون بشكل كبير جدا على الـ GPS !

يعتمد الإنسان الغربي في تسيير حياته اليومية بشكل كامل على شيئين:  الآلة و النظام. و في حالة حدوث خلل في الآلة أو خرق للنظام، يشعر الإنسان الغربي بالعجز و الشلل ، و قد يستغرق وقتا أطول من المعتاد من أجل الوصول إلى الحل، و هذا ليس ناتجا عن غباءه و إنما هو عبارة عن نتيجة طبيعية للاتكال الكلي على الآلة.  

و الآلة مهما وصلت براعتها و دقتها فلا يجب أن نستغني بها عن العقل البشري. صحيح أن التكنولوجيا شيء جميل جدا و هي قد جعلت حياتنا أسهل في بعض النواحي، و لكن هذا لا يعد مبررا للسماح لها بإلغاء عقولنا و التأثير على مستوى تفكيرنا...
  
أما النظام فمهما كان محكما فهو حتما معرض للخلل. أذكر أننا علقنا في مرة من المرات في الاوتوباص ما يقرب من الساعة، و السبب في ذلك أنه كانت هناك سيارة مركونة في مكان ممنوع الوقوف فيه و صاحبها غير متواجد (كما هو واضح في الصورة) و ذلك بالطبع يعد خرقا للنظام!  و عندما أراد سائق  الاوتوباص دخول ذلك الشارع لم يتمكن ، فتوقف في مكانه، و بدا الأمر بالنسبة إليه معضلة رهيبة حيث نزل من الباص و هو متوتر و عصبي المزاج مقلبا كفيه!




مع أن الحل بسيط! بإمكانه الرجوع للوراء قليلا و تعديل اتجاهه بعض الشيء و من ثم يمكنه العبور بسلام. و عندما نزلنا و سألناه عن الحل في رأيه قال أن الحل "الوحيد" هو  أن يأتي صاحب السيارة المركونة و يأخذ سيارته!!

  نزل معظم الركاب و تفرقوا من اليأس بينما قام السائق بالاتصال بشركة المواصلات على طريقة الأفلام الأمريكية we've got a situation !! 

و بقينا عالقينا ما يقارب الساعة إلى أن جاء الدعم من شركة المواصلات على هيئة موظف على ما يبدو أنه أكثر حنكة و خبرة. قام بمعاينة الوضع و مناقشته مع السائق ثم توصلوا إلى أن الحل الأنسب هو أن يعود السائق بالباص قليلا إلى الوراء ثم يدخل الشارع مرة أخرى بزاوية مناسبة!
الطريف أننا في اليمن مثلا لا يوجد لدينا تكنولوجيا و نظام مماثلين لما نراه في الغرب ، لذلك ظل الناس محتفظين بذكائهم الفطري. فقد لاحظت أن لدينا أطفالا في اليمن يعملون في الباصات العامة و في الدكاكين و غيرها و يمكنهم القيام بالعلميات الحسابية و التعامل مع عدد كبير من الزبائن في وقت واحد و دون الحاجة إلى آلة حاسبة!

و لكن هل استخدم اليمنيون هذا الذكاء في تحسين حياتهم و تطوير واقعهم أم أنهم تفرغوا للتنكيل ببعضهم البعض؟!  




No comments:

Post a Comment