رشــا المقالح
في صيف العام الماضي و تحديدا في شهر يونيو تم
وضع شاشة عملاقة في ساحة فينيتسيا في العاصمة روما و ذلك بمناسبة كأس العالم و من أجل مشاهدة
الفريق الإيطالي الذي كان مشاركا في تلك البطولة. و في الرابع و العشرين من شهر
يونيو كانت ايطاليا على موعد حاسم مع
الأورجوي في مباراة الدور الأول، و قد حضر جمهور غفير إلى الساحة، و حُمِل العلم
الإيطالي بأحجام مختلفة كبيرة و صغيرة، كما ارتدى بعض الحضور قبعات بألوان العلم ،
و عندما جاءت الفقرة التي ردد فيها الفريق الإيطالي النشيد الوطني قام جميع الحضور
بتردد النشيد و إطلاق أدخنة ملونة بألوان العلم.
و لم يكن الحضور جميعهم إيطاليين، فقد كان
هناك مقيمون أجانب و كان هناك سياح. و أتذكر أننا التقينا بأحد السياح القادمين من
كندا و لاحظنا أنه يشجع المنتخب الإيطالي و يتحفز مع كل هجمة له و يشعر بخيبة أمل
مع كل إخفاق. كانت الأجواء احتفالية رائعة رغم المنافسة المستعرة بين الفريقين و
شعرنا بالحماس و البهجة. صحيح أن الفريق الإيطالي خسر المباراة و خرج مبكرا من كأس
العالم، لكننا قضينا وقتا ممتعا على كل حال.
و عندما تابعنا خليجي 22 بعد ذلك و شاهدنا في
الأخبار حجم الدعم الذي يلقاه المنتخب اليمني من جمهوره، و عن أعداد المشجعين
اليمنيين الذين طاروا إلى الرياض لتشجيع المنتخب الوطني، و عن حجم العلم اليمني
الذي قام الجمهور بحمله في الملعب، انتابنا الحماس و البهجة و على الرغم من خروج
المنتخب الوطني من البطولة إلا أننا كنا نشعر بالفخر و بأنه قدم كل ما باستطاعته.
شعرت أن رفع العلم و استدعاء الوطنية أمر
جميل في مناسبات كهذه، و لا يستدعي القلق كما يحدث أثناء الحروب و الصدامات بين
دولتين أو قوميتين مختلفتين. و حتى في حالة الخسارة تظل هناك دائما ذكريات لذيذة
لذلك الحدث.
و على الرغم من شعور الإنسان الفطري
بالانتماء و الاعتزاز بالهوية، إلا أنني أجد أن رفع العلم الوطني و ترديد الأناشيد
الوطنية بشكل متواصل على الفضائية اليمنية أمرا غير مقبول أبدا! فالعلم الوطني يرفع و الأناشيد الوطنية تردد في حالة المواجهة مع هوية أخرى سواء كانت تلك المواجهة ودية كما في حالة كرة
القدم أو حربية كما يحدث في النزاعات بين الدول. أما عندما يرفع العلم الوطني في
المواجهات الداخلية، فهذا لا يعني سوا أن رفعه هو المرحلة الأولى التي تسبق تمزيقه...
No comments:
Post a Comment